❞ كتاب Not Enough: Human Rights in an Unequal World ❝  ⏤ صامويل كوين

❞ كتاب Not Enough: Human Rights in an Unequal World ❝ ⏤ صامويل كوين

على الرغم من امتداد تاريخ حقوق الإنسان، بجذوره في الدين والفلسفة والثورة، إلى عدة قرون غابرة؛ إلا أن صامويل موين، أستاذ القانون في كلية ييل للقانون وأستاذ التاريخ بجامعة ييل، لاحظ بشكل دقيق كيف أنه لم يكن لحقوق الإنسان دورًا بارزًا حتى أواخر السبعينيات، فضلًا عن شيوع لغة حقوق الإنسان فقط بعد عام 1989. وما يعد لافتًا للنظر، تزامن الطفرة المعرفية في مجال حقوق الإنسان مع تأسيس النيوليبرالية كأيديولوجية توجيهية للسوق العالمية؛ باعتبارها نقطة تحوّل في تاريخ الاقتصاد السياسي. وفي كتابه الأخير، ليست كافية: حقوق الإنسان في عالم من اللامساواة، يستكشف صامويل موين الصلة بين حقوق الإنسان والنيوليبرالية، مجادلًا بأن حقوق الإنسان قد أخفقت في معالجة الزيادة العالمية في عدم المساواة في الثروة.

تعتمد حجة الكاتب على التمييز بين الكفاية والمساواة، فالكفاية تتعلق بتوافر الحد الأدنى من سبل العيش؛ أي الحاجات الأساسية اللازمة للحياة الكريمة. أما المساواة، من ناحية أخرى، فتتعلق بكيفية ارتباط الأشخاص ببعضهم البعض. ولا يهم هنا ما إذا كان الجميع قادرين على بلوغ حدها الأدنى، ولكنها بالأحرى تتعلق بإذا ماكان لها سقف.

إلى أي مدى يصل ثراء الأغنياء؟ خلال فترة وجيزة من التاريخ، تمكنت دولة الرفاه من الالتزام بكلا المفهومين، الكفاية والمساواة، عبر إعادة توزيع الثروة. ومن أجل فهم ملائم لتلك الفترة، يستكشف الفصل الأول من الكتاب التاريخ الفكري للعدالة الاجتماعية، ويتعقب جذورها التي تعود لعهد اليعاقبة أثناء الثورة الفرنسية.

الفصل الثاني من الكتاب يتناول فكرة العدالة الاجتماعية بالشرح، إذ يوضح أنها لم تعتمد على مفهوم الحقوق الأساسية. وهو الأمر الذي يدفع بالقارئ لإعادة التفكير في مغزى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 1948، فقد جرت العادة على تصوير تلك الوثيقة كتعبير عن مشروع دولي، يهدف إلى تجنب تكرار الفظائع التي ارتكبت إبان الحرب العالمية الثانية. ويكشف موين هذا الالتباس، حين يجادل بأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كان بالأحرى خطة لدولة الرفاه الوطنية. ومع ذلك، لم يعتقد التقدميون بأن الحقوق الأساسية، التي تهدف بشكل أساسي لحماية الأفراد من الدولة، بإمكانها التحول إلى أداة لتدخل الدولة. علاوةً على ذلك، أخفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الإشارة صراحةً إلى المساواة الاجتماعية، التي كان لها بالفعل دورًا مركزيًا في سياسات دولة الرفاه. ومنذ إصداره، لم يكن هناك تأثير ملموس للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وظل على الهامش حتى حدثت الطفرة المعرفية المتعلقة بحقوق الإنسان في السبعينيات.

الفصل الثالث، يركز بشكل موجز، على تحرك الولايات المتحدة الأمريكية صوب الحقوق الاجتماعية بموجب الصفقة الجديدة في الثلاثينيات، وكيف أن اقتصاد الحرب قد ساهم في عرقلة إنشاء دولة رفاه كاملة. وهو ما يعني بالتأكيد أن النسخة الأوروبية من دولة الرفاه كانت استيعابية. فعلى الرغم من أن حرص دولة الرفاه –كمشروع– على إعادة توزيع الثروة، إلا أن موين يشير –عن حق– إلى كونها كانت إقصائية للغاية. على المستوى الوطني، استفادت الطبقة العاملة من الذكور البيض بشكل أساسي من آليات التوزيع، على حساب النساء والأشخاص الملونين. أما على المستوى العالمي، لم يكن لإعادة التوزيع وجود، حيث استمرت الثروة في التدفق إلى عواصم الإمبراطوريات المُضمحلة. ومن ثم، ينتقل الفصل الرابع إلى حركة تصفية الاستعمار، التي كانت تسعى –من وجهة نظر المؤلف– إلى عولمة مشروع الرفاه.

وهكذا، يجادل موين، أن منح الدول الجديدة الأولوية إلى المساواة المادية لم يكن أمرًا مفاجئًا، فضلًا عن كونها تُفضّل شكلًا من الاشتراكية، باعتبارها بديل للرأسمالية –المرتبطة بشكل وثيق بطغيان الاستعمار. هنا يبدو المؤلف كأنه يجنح إلى الخطاب الذي غالبًا ما يعني التنصل من الحريات الأساسية. ويقتبس موين من الرجل القوي المناهض للإمبريالية جمال عبد الناصر الذي اعتبر أن الحرية «أكثر من [كونها] حرية الفكر والكلام والكتابة. إنها حرية المعدة الممتلئة، والمنزل الجيد، والصحة، والتعليم، والعمل، والأمن عند بلوغ الشيخوخة».[1] وهو الحديث نفسه –إلى حد بعيد– الذي يتردد في خطاب الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، الذي يقايض بحماسة بالغة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مقابل الحقوق السياسية. لكن في وقت لاحق، يعترف المؤلف بأن منح الأولوية للحقوق الاجتماعية على الحقوق السياسية والمدنية؛ يساعد على «صرف الانتباه عن صعود السلطوية».

مع ذلك، ليس بمقدور هذا الخطاب أن يصرف انتباه حركة حقوق الإنسان المتنامية. في الواقع، وكما يشرح الفصل الخامس، لعبت حقوق الإنسان دورًا مهمًا في عرقلة واحدة من أكثر المبادرات طموحًا لعولمة العدالة الاجتماعية؛ النظام الاقتصادي الدولي الجديد (NIEO). ويهدف ذلك النظام، إلى سد فجوة اللامساواة بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها، أو وفقًا للمفهوم الذي صاغه الاقتصادي السويدي جونار ميردال، العمل على رفع دولة الرفاه إلى «عالم الرفاه». وعلى عكس النظام الاقتصادي الدولي الجديد، لم تتمكن حركة حقوق الإنسان المزدهرة من التكهن بالمساواة العالمية. فقد أنفق نشطاء حقوق الإنسان طاقاتهم على «تسمية وفضح» القمع السياسي والانتهاكات في بلدان العالم الثالث. وعلى هذا النحو «أصبح يتم الإعلان عن حقوق الإنسان على نطاق واسع باعتبارها وسيلة للبحث عن نقطة الضعف في بلدان النظام الاقتصادي الدولي الجديد، ونزع الشرعية عن ادعاءاتها الأخلاقية ».

وبينما انشغلت حركة حقوق الإنسان بشكل أساسي بالحريات المدنية والسياسية، كما يروي موين بشكل ثاقب، شهد كلا من التفكير التنموي الغربي وسياسات حقوق الإنسان الخارجية، تحولاً تجاه تلبية الاحتياجات الأساسية باعتبارها «هدفًا أكثر قابلية للتحقيق». ويشرح الفصل السادس كيف أن الفلسفة الأخلاقية الغربية اتبعت النهج ذاته؛ فبعد نظرية العدالة لجون رولز، والتي يعتبرها موين بمثابة «تغريدة البجعة للرفاهة الوطنية في الولايات المتحدة»،ابتعد فلاسفة مثل أونورا أونيل وتشارلز بيتز وهنري شوي عن مذهب المساواة الجماعية، ما مهّد الطريق أمام الفردانية الأخلاقية التي تركز على الكفاية. وبعد تفسيره للكيفية التي تم بها التخلي عن مبدأ الرفاهة، اتجه موين لتوضيح العلاقة بين حقوق الإنسان والنيوليبرالية في الفصل السابع الذي يُعد انطلاقته الأساسية نحو حقوق الإنسان.

الأكثر أهمية، أن موين لا يعتبر حقوق الإنسان متواطئة في التجاوزات التي يرتكبها مجتمع الأثرياء في الوقت الحالي، لكنه يجادل بأن حقوق الإنسان ليست هي الأداة المناسبة لمعالجة اللامساواة المادية المتزايدة في عالم اليوم. ويرجع إخفاق حقوق الإنسان في الدفاع عن المساواة المادية، في وجهة نظر المؤلف، بشكل جزئي إلى صعوبة الإنفاذ القضائي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية. عادةً، يستطيع القضاة الوطنيون فقط فرض مبدأ التجميد على الحكومة، وهو ما يخلق بالكاد «حدًا أدنى ضمن الحد الأدنى». علاوةً على ذلك، «نادرًا ما يخدم القضاء الأشخاص الأسوأ حظًا؛ نظرًا لأن الوصول إليه يتطلب بشكل عام محو الأمية والتنظيم».[5] وأخيرًا، فإن توافر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يسمح بالعيش فقط داخل الحدود الوطنية في أفضل الأحوال؛ فلا توجد لدى الدول الفقيرة القدرة على فرض آلية توزيعية على الدول الأكثر ثراء.

ولحسن الحظ، فإن تجاهل حقوق الإنسان للمساواة التوزيعية، لا يجعل من الممكن الاستغناء عنها في وجهة نظر المؤلف. وبشكل صائب، يُذكّر موين القارئ أنه على الرغم من إخفاق حقوق الإنسان في الدفاع عن المساواة المادية، إلا أنها لعبت دورًا حيويًا في ضمان المساواة أمام القانون، ومكافحة مظالم مثل العنصرية والتمييز. ومن ثم، فإن نقد موين لحقوق الإنسان يُعد أكثر اعتدالًا من النقد الماركسي، حيث يعتبر الأخير أن لغة حقوق الإنسان تخدم فقط النخبة الرأسمالية. وبغض النظر عن ذلك، يعتقد موين أننا بحاجة إلى بديل أخلاقي ذو مغزى يمكنه –على العكس من حقوق الإنسان– الارتقاء للتحدي الذي تُمثله النيوليبرالية. مع ذلك، فإنه يظل غامضًا بشأن تقديم أي نبذة ممكنة لمثل هذا البديل، لكنه في الفصل الختامي للكتاب، يلمح فقط إلى كيفية إنشاء وظهور ذلك البديل.

في خلاصة كتابه، يستدعي موين قصة الملك كرويسوس، الملك القديم لليديا، الذي اعتبر نفسه أسعد رجل في العالم على قيد الحياة؛ بسبب امتلاكه أموالًا طائلة لا حصر لها. رغمًا عن عجرفة الملك، فإن قوة خارجية هي من أنهت مراكمته الهائلة للثروة. لقد كانت الجيوش الفارسية هي التي تمكنت من الإطاحة بكرويسوس، واستطاعت إخضاع أراضيه وإضرام النيران فيه. وبينما نُشر الكتاب في 2018، فإن أي شخص يقرأ كتاب (ليست كافية) في 2020، ربما يتساءل عما إذا كانت الجائحة العالمية بمثابة تلك القوة الخارجية. بالفعل، في زمن كوفيد-19، باتت قاعدة «إعادة البناء بشكل أفضل» هي الأكثر ترديدًا. بغض النظر، ربما تكون حجة موين أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، إذ يشير تقرير صدر مؤخرًا عن منظمة أوكسفام إلى أن الجائحة قد أدت إلى توسيع فجوة اللامساواة.

إذا كان نداء المؤلف من أجل المساواة المادية ينطبق على يومنا هذا، فإن 2020 أظهرت أن موين ربما يوجه سهام نقده إلى الهدف الخطأ. إن مقتل جورج فلويد على أيدي الشرطة الأمريكية، واعتقال الصين الجماعي للإيجور، واستهداف بولندا لمجتمع الميم، والتفكير المعلن في بريطانيا بشأن تفكيك حماية حقوق الإنسان؛ كلها أمور تُظهر أن المساواة أمام القانون ربما تكون أقل شيوعًا مما يفترض موين. علاوةً على ذلك، فإن نقد النشطاء يتزايد للشركات والمصارف لتواطؤها في انتهاكات حقوق الإنسان، وتأثيرها الوخيم على المناخ وعلى حياة السكان الأصليين. مع ذلك، يظل للكتاب مزاياه، ويوصى بقراءته للعاملين في مجال حقوق الإنسان، وطلاب القانون والمختصين بعلم الأخلاق، لأن الكتاب يحث على التفكير النقدي في عمل حقوق الإنسان، وسياسات التنمية والعدالة الاجتماعية.
صامويل كوين - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ Not Enough: Human Rights in an Unequal World ❝ الناشرين : ❞ جامعة هارفارد ❝ ❱
من الفكر والفلسفة - مكتبة المكتبة التجريبية.

نبذة عن الكتاب:
Not Enough: Human Rights in an Unequal World

2013م - 1446هـ
على الرغم من امتداد تاريخ حقوق الإنسان، بجذوره في الدين والفلسفة والثورة، إلى عدة قرون غابرة؛ إلا أن صامويل موين، أستاذ القانون في كلية ييل للقانون وأستاذ التاريخ بجامعة ييل، لاحظ بشكل دقيق كيف أنه لم يكن لحقوق الإنسان دورًا بارزًا حتى أواخر السبعينيات، فضلًا عن شيوع لغة حقوق الإنسان فقط بعد عام 1989. وما يعد لافتًا للنظر، تزامن الطفرة المعرفية في مجال حقوق الإنسان مع تأسيس النيوليبرالية كأيديولوجية توجيهية للسوق العالمية؛ باعتبارها نقطة تحوّل في تاريخ الاقتصاد السياسي. وفي كتابه الأخير، ليست كافية: حقوق الإنسان في عالم من اللامساواة، يستكشف صامويل موين الصلة بين حقوق الإنسان والنيوليبرالية، مجادلًا بأن حقوق الإنسان قد أخفقت في معالجة الزيادة العالمية في عدم المساواة في الثروة.

تعتمد حجة الكاتب على التمييز بين الكفاية والمساواة، فالكفاية تتعلق بتوافر الحد الأدنى من سبل العيش؛ أي الحاجات الأساسية اللازمة للحياة الكريمة. أما المساواة، من ناحية أخرى، فتتعلق بكيفية ارتباط الأشخاص ببعضهم البعض. ولا يهم هنا ما إذا كان الجميع قادرين على بلوغ حدها الأدنى، ولكنها بالأحرى تتعلق بإذا ماكان لها سقف.

إلى أي مدى يصل ثراء الأغنياء؟ خلال فترة وجيزة من التاريخ، تمكنت دولة الرفاه من الالتزام بكلا المفهومين، الكفاية والمساواة، عبر إعادة توزيع الثروة. ومن أجل فهم ملائم لتلك الفترة، يستكشف الفصل الأول من الكتاب التاريخ الفكري للعدالة الاجتماعية، ويتعقب جذورها التي تعود لعهد اليعاقبة أثناء الثورة الفرنسية.

الفصل الثاني من الكتاب يتناول فكرة العدالة الاجتماعية بالشرح، إذ يوضح أنها لم تعتمد على مفهوم الحقوق الأساسية. وهو الأمر الذي يدفع بالقارئ لإعادة التفكير في مغزى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 1948، فقد جرت العادة على تصوير تلك الوثيقة كتعبير عن مشروع دولي، يهدف إلى تجنب تكرار الفظائع التي ارتكبت إبان الحرب العالمية الثانية. ويكشف موين هذا الالتباس، حين يجادل بأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كان بالأحرى خطة لدولة الرفاه الوطنية. ومع ذلك، لم يعتقد التقدميون بأن الحقوق الأساسية، التي تهدف بشكل أساسي لحماية الأفراد من الدولة، بإمكانها التحول إلى أداة لتدخل الدولة. علاوةً على ذلك، أخفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الإشارة صراحةً إلى المساواة الاجتماعية، التي كان لها بالفعل دورًا مركزيًا في سياسات دولة الرفاه. ومنذ إصداره، لم يكن هناك تأثير ملموس للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وظل على الهامش حتى حدثت الطفرة المعرفية المتعلقة بحقوق الإنسان في السبعينيات.

الفصل الثالث، يركز بشكل موجز، على تحرك الولايات المتحدة الأمريكية صوب الحقوق الاجتماعية بموجب الصفقة الجديدة في الثلاثينيات، وكيف أن اقتصاد الحرب قد ساهم في عرقلة إنشاء دولة رفاه كاملة. وهو ما يعني بالتأكيد أن النسخة الأوروبية من دولة الرفاه كانت استيعابية. فعلى الرغم من أن حرص دولة الرفاه –كمشروع– على إعادة توزيع الثروة، إلا أن موين يشير –عن حق– إلى كونها كانت إقصائية للغاية. على المستوى الوطني، استفادت الطبقة العاملة من الذكور البيض بشكل أساسي من آليات التوزيع، على حساب النساء والأشخاص الملونين. أما على المستوى العالمي، لم يكن لإعادة التوزيع وجود، حيث استمرت الثروة في التدفق إلى عواصم الإمبراطوريات المُضمحلة. ومن ثم، ينتقل الفصل الرابع إلى حركة تصفية الاستعمار، التي كانت تسعى –من وجهة نظر المؤلف– إلى عولمة مشروع الرفاه.

وهكذا، يجادل موين، أن منح الدول الجديدة الأولوية إلى المساواة المادية لم يكن أمرًا مفاجئًا، فضلًا عن كونها تُفضّل شكلًا من الاشتراكية، باعتبارها بديل للرأسمالية –المرتبطة بشكل وثيق بطغيان الاستعمار. هنا يبدو المؤلف كأنه يجنح إلى الخطاب الذي غالبًا ما يعني التنصل من الحريات الأساسية. ويقتبس موين من الرجل القوي المناهض للإمبريالية جمال عبد الناصر الذي اعتبر أن الحرية «أكثر من [كونها] حرية الفكر والكلام والكتابة. إنها حرية المعدة الممتلئة، والمنزل الجيد، والصحة، والتعليم، والعمل، والأمن عند بلوغ الشيخوخة».[1] وهو الحديث نفسه –إلى حد بعيد– الذي يتردد في خطاب الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، الذي يقايض بحماسة بالغة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مقابل الحقوق السياسية. لكن في وقت لاحق، يعترف المؤلف بأن منح الأولوية للحقوق الاجتماعية على الحقوق السياسية والمدنية؛ يساعد على «صرف الانتباه عن صعود السلطوية».

مع ذلك، ليس بمقدور هذا الخطاب أن يصرف انتباه حركة حقوق الإنسان المتنامية. في الواقع، وكما يشرح الفصل الخامس، لعبت حقوق الإنسان دورًا مهمًا في عرقلة واحدة من أكثر المبادرات طموحًا لعولمة العدالة الاجتماعية؛ النظام الاقتصادي الدولي الجديد (NIEO). ويهدف ذلك النظام، إلى سد فجوة اللامساواة بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها، أو وفقًا للمفهوم الذي صاغه الاقتصادي السويدي جونار ميردال، العمل على رفع دولة الرفاه إلى «عالم الرفاه». وعلى عكس النظام الاقتصادي الدولي الجديد، لم تتمكن حركة حقوق الإنسان المزدهرة من التكهن بالمساواة العالمية. فقد أنفق نشطاء حقوق الإنسان طاقاتهم على «تسمية وفضح» القمع السياسي والانتهاكات في بلدان العالم الثالث. وعلى هذا النحو «أصبح يتم الإعلان عن حقوق الإنسان على نطاق واسع باعتبارها وسيلة للبحث عن نقطة الضعف في بلدان النظام الاقتصادي الدولي الجديد، ونزع الشرعية عن ادعاءاتها الأخلاقية ».

وبينما انشغلت حركة حقوق الإنسان بشكل أساسي بالحريات المدنية والسياسية، كما يروي موين بشكل ثاقب، شهد كلا من التفكير التنموي الغربي وسياسات حقوق الإنسان الخارجية، تحولاً تجاه تلبية الاحتياجات الأساسية باعتبارها «هدفًا أكثر قابلية للتحقيق». ويشرح الفصل السادس كيف أن الفلسفة الأخلاقية الغربية اتبعت النهج ذاته؛ فبعد نظرية العدالة لجون رولز، والتي يعتبرها موين بمثابة «تغريدة البجعة للرفاهة الوطنية في الولايات المتحدة»،ابتعد فلاسفة مثل أونورا أونيل وتشارلز بيتز وهنري شوي عن مذهب المساواة الجماعية، ما مهّد الطريق أمام الفردانية الأخلاقية التي تركز على الكفاية. وبعد تفسيره للكيفية التي تم بها التخلي عن مبدأ الرفاهة، اتجه موين لتوضيح العلاقة بين حقوق الإنسان والنيوليبرالية في الفصل السابع الذي يُعد انطلاقته الأساسية نحو حقوق الإنسان.

الأكثر أهمية، أن موين لا يعتبر حقوق الإنسان متواطئة في التجاوزات التي يرتكبها مجتمع الأثرياء في الوقت الحالي، لكنه يجادل بأن حقوق الإنسان ليست هي الأداة المناسبة لمعالجة اللامساواة المادية المتزايدة في عالم اليوم. ويرجع إخفاق حقوق الإنسان في الدفاع عن المساواة المادية، في وجهة نظر المؤلف، بشكل جزئي إلى صعوبة الإنفاذ القضائي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية. عادةً، يستطيع القضاة الوطنيون فقط فرض مبدأ التجميد على الحكومة، وهو ما يخلق بالكاد «حدًا أدنى ضمن الحد الأدنى». علاوةً على ذلك، «نادرًا ما يخدم القضاء الأشخاص الأسوأ حظًا؛ نظرًا لأن الوصول إليه يتطلب بشكل عام محو الأمية والتنظيم».[5] وأخيرًا، فإن توافر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يسمح بالعيش فقط داخل الحدود الوطنية في أفضل الأحوال؛ فلا توجد لدى الدول الفقيرة القدرة على فرض آلية توزيعية على الدول الأكثر ثراء.

ولحسن الحظ، فإن تجاهل حقوق الإنسان للمساواة التوزيعية، لا يجعل من الممكن الاستغناء عنها في وجهة نظر المؤلف. وبشكل صائب، يُذكّر موين القارئ أنه على الرغم من إخفاق حقوق الإنسان في الدفاع عن المساواة المادية، إلا أنها لعبت دورًا حيويًا في ضمان المساواة أمام القانون، ومكافحة مظالم مثل العنصرية والتمييز. ومن ثم، فإن نقد موين لحقوق الإنسان يُعد أكثر اعتدالًا من النقد الماركسي، حيث يعتبر الأخير أن لغة حقوق الإنسان تخدم فقط النخبة الرأسمالية. وبغض النظر عن ذلك، يعتقد موين أننا بحاجة إلى بديل أخلاقي ذو مغزى يمكنه –على العكس من حقوق الإنسان– الارتقاء للتحدي الذي تُمثله النيوليبرالية. مع ذلك، فإنه يظل غامضًا بشأن تقديم أي نبذة ممكنة لمثل هذا البديل، لكنه في الفصل الختامي للكتاب، يلمح فقط إلى كيفية إنشاء وظهور ذلك البديل.

في خلاصة كتابه، يستدعي موين قصة الملك كرويسوس، الملك القديم لليديا، الذي اعتبر نفسه أسعد رجل في العالم على قيد الحياة؛ بسبب امتلاكه أموالًا طائلة لا حصر لها. رغمًا عن عجرفة الملك، فإن قوة خارجية هي من أنهت مراكمته الهائلة للثروة. لقد كانت الجيوش الفارسية هي التي تمكنت من الإطاحة بكرويسوس، واستطاعت إخضاع أراضيه وإضرام النيران فيه. وبينما نُشر الكتاب في 2018، فإن أي شخص يقرأ كتاب (ليست كافية) في 2020، ربما يتساءل عما إذا كانت الجائحة العالمية بمثابة تلك القوة الخارجية. بالفعل، في زمن كوفيد-19، باتت قاعدة «إعادة البناء بشكل أفضل» هي الأكثر ترديدًا. بغض النظر، ربما تكون حجة موين أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، إذ يشير تقرير صدر مؤخرًا عن منظمة أوكسفام إلى أن الجائحة قد أدت إلى توسيع فجوة اللامساواة.

إذا كان نداء المؤلف من أجل المساواة المادية ينطبق على يومنا هذا، فإن 2020 أظهرت أن موين ربما يوجه سهام نقده إلى الهدف الخطأ. إن مقتل جورج فلويد على أيدي الشرطة الأمريكية، واعتقال الصين الجماعي للإيجور، واستهداف بولندا لمجتمع الميم، والتفكير المعلن في بريطانيا بشأن تفكيك حماية حقوق الإنسان؛ كلها أمور تُظهر أن المساواة أمام القانون ربما تكون أقل شيوعًا مما يفترض موين. علاوةً على ذلك، فإن نقد النشطاء يتزايد للشركات والمصارف لتواطؤها في انتهاكات حقوق الإنسان، وتأثيرها الوخيم على المناخ وعلى حياة السكان الأصليين. مع ذلك، يظل للكتاب مزاياه، ويوصى بقراءته للعاملين في مجال حقوق الإنسان، وطلاب القانون والمختصين بعلم الأخلاق، لأن الكتاب يحث على التفكير النقدي في عمل حقوق الإنسان، وسياسات التنمية والعدالة الاجتماعية. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

على الرغم من امتداد تاريخ حقوق الإنسان، بجذوره في الدين والفلسفة والثورة، إلى عدة قرون غابرة؛ إلا أن صامويل موين، أستاذ القانون في كلية ييل للقانون وأستاذ التاريخ بجامعة ييل، لاحظ بشكل دقيق كيف أنه لم يكن لحقوق الإنسان دورًا بارزًا حتى أواخر السبعينيات، فضلًا عن شيوع لغة حقوق الإنسان فقط بعد عام 1989. وما يعد لافتًا للنظر، تزامن الطفرة المعرفية في مجال حقوق الإنسان مع تأسيس النيوليبرالية كأيديولوجية توجيهية للسوق العالمية؛ باعتبارها نقطة تحوّل في تاريخ الاقتصاد السياسي. وفي كتابه الأخير، ليست كافية: حقوق الإنسان في عالم من اللامساواة، يستكشف صامويل موين الصلة بين حقوق الإنسان والنيوليبرالية، مجادلًا بأن حقوق الإنسان قد أخفقت في معالجة الزيادة العالمية في عدم المساواة في الثروة.

تعتمد حجة الكاتب على التمييز بين الكفاية والمساواة، فالكفاية تتعلق بتوافر الحد الأدنى من سبل العيش؛ أي الحاجات الأساسية اللازمة للحياة الكريمة. أما المساواة، من ناحية أخرى، فتتعلق بكيفية ارتباط الأشخاص ببعضهم البعض. ولا يهم هنا ما إذا كان الجميع قادرين على بلوغ حدها الأدنى، ولكنها بالأحرى تتعلق بإذا ماكان لها سقف.

إلى أي مدى يصل ثراء الأغنياء؟ خلال فترة وجيزة من التاريخ، تمكنت دولة الرفاه من الالتزام بكلا المفهومين، الكفاية والمساواة، عبر إعادة توزيع الثروة. ومن أجل فهم ملائم لتلك الفترة، يستكشف الفصل الأول من الكتاب التاريخ الفكري للعدالة الاجتماعية، ويتعقب جذورها التي تعود لعهد اليعاقبة أثناء الثورة الفرنسية.

الفصل الثاني من الكتاب يتناول فكرة العدالة الاجتماعية بالشرح، إذ يوضح أنها لم تعتمد على مفهوم الحقوق الأساسية. وهو الأمر الذي يدفع بالقارئ لإعادة التفكير في مغزى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 1948، فقد جرت العادة على تصوير تلك الوثيقة كتعبير عن مشروع دولي، يهدف إلى تجنب تكرار الفظائع التي ارتكبت إبان الحرب العالمية الثانية. ويكشف موين هذا الالتباس، حين يجادل بأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كان بالأحرى خطة لدولة الرفاه الوطنية. ومع ذلك، لم يعتقد التقدميون بأن الحقوق الأساسية، التي تهدف بشكل أساسي لحماية الأفراد من الدولة، بإمكانها التحول إلى أداة لتدخل الدولة. علاوةً على ذلك، أخفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الإشارة صراحةً إلى المساواة الاجتماعية، التي كان لها بالفعل دورًا مركزيًا في سياسات دولة الرفاه. ومنذ إصداره، لم يكن هناك تأثير ملموس للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وظل على الهامش حتى حدثت الطفرة المعرفية المتعلقة بحقوق الإنسان في السبعينيات.

الفصل الثالث، يركز بشكل موجز، على تحرك الولايات المتحدة الأمريكية صوب الحقوق الاجتماعية بموجب الصفقة الجديدة في الثلاثينيات، وكيف أن اقتصاد الحرب قد ساهم في عرقلة إنشاء دولة رفاه كاملة. وهو ما يعني بالتأكيد أن النسخة الأوروبية من دولة الرفاه كانت استيعابية. فعلى الرغم من أن حرص دولة الرفاه –كمشروع– على إعادة توزيع الثروة، إلا أن موين يشير –عن حق– إلى كونها كانت إقصائية للغاية. على المستوى الوطني، استفادت الطبقة العاملة من الذكور البيض بشكل أساسي من آليات التوزيع، على حساب النساء والأشخاص الملونين. أما على المستوى العالمي، لم يكن لإعادة التوزيع وجود، حيث استمرت الثروة في التدفق إلى عواصم الإمبراطوريات المُضمحلة. ومن ثم، ينتقل الفصل الرابع إلى حركة تصفية الاستعمار، التي كانت تسعى –من وجهة نظر المؤلف– إلى عولمة مشروع الرفاه.

وهكذا، يجادل موين، أن منح الدول الجديدة الأولوية إلى المساواة المادية لم يكن أمرًا مفاجئًا، فضلًا عن كونها تُفضّل شكلًا من الاشتراكية، باعتبارها بديل للرأسمالية –المرتبطة بشكل وثيق بطغيان الاستعمار. هنا يبدو المؤلف كأنه يجنح إلى الخطاب الذي غالبًا ما يعني التنصل من الحريات الأساسية. ويقتبس موين من الرجل القوي المناهض للإمبريالية جمال عبد الناصر الذي اعتبر أن الحرية «أكثر من [كونها] حرية الفكر والكلام والكتابة. إنها حرية المعدة الممتلئة، والمنزل الجيد، والصحة، والتعليم، والعمل، والأمن عند بلوغ الشيخوخة».[1] وهو الحديث نفسه –إلى حد بعيد– الذي يتردد في خطاب الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، الذي يقايض بحماسة بالغة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مقابل الحقوق السياسية. لكن في وقت لاحق، يعترف المؤلف بأن منح الأولوية للحقوق الاجتماعية على الحقوق السياسية والمدنية؛ يساعد على «صرف الانتباه عن صعود السلطوية».[2]

مع ذلك، ليس بمقدور هذا الخطاب أن يصرف انتباه حركة حقوق الإنسان المتنامية. في الواقع، وكما يشرح الفصل الخامس، لعبت حقوق الإنسان دورًا مهمًا في عرقلة واحدة من أكثر المبادرات طموحًا لعولمة العدالة الاجتماعية؛ النظام الاقتصادي الدولي الجديد (NIEO). ويهدف ذلك النظام، إلى سد فجوة اللامساواة بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها، أو وفقًا للمفهوم الذي صاغه الاقتصادي السويدي جونار ميردال، العمل على رفع دولة الرفاه إلى «عالم الرفاه». وعلى عكس النظام الاقتصادي الدولي الجديد، لم تتمكن حركة حقوق الإنسان المزدهرة من التكهن بالمساواة العالمية. فقد أنفق نشطاء حقوق الإنسان طاقاتهم على «تسمية وفضح» القمع السياسي والانتهاكات في بلدان العالم الثالث. وعلى هذا النحو «أصبح يتم الإعلان عن حقوق الإنسان على نطاق واسع باعتبارها وسيلة للبحث عن نقطة الضعف في بلدان النظام الاقتصادي الدولي الجديد، ونزع الشرعية عن ادعاءاتها الأخلاقية ]…[ ».[3]

وبينما انشغلت حركة حقوق الإنسان بشكل أساسي بالحريات المدنية والسياسية، كما يروي موين بشكل ثاقب، شهد كلا من التفكير التنموي الغربي وسياسات حقوق الإنسان الخارجية، تحولاً تجاه تلبية الاحتياجات الأساسية باعتبارها «هدفًا أكثر قابلية للتحقيق». ويشرح الفصل السادس كيف أن الفلسفة الأخلاقية الغربية اتبعت النهج ذاته؛ فبعد نظرية العدالة لجون رولز، والتي يعتبرها موين بمثابة «تغريدة البجعة للرفاهة الوطنية في الولايات المتحدة»،[4] ابتعد فلاسفة مثل أونورا أونيل وتشارلز بيتز وهنري شوي عن مذهب المساواة الجماعية، ما مهّد الطريق أمام الفردانية الأخلاقية التي تركز على الكفاية. وبعد تفسيره للكيفية التي تم بها التخلي عن مبدأ الرفاهة، اتجه موين لتوضيح العلاقة بين حقوق الإنسان والنيوليبرالية في الفصل السابع الذي يُعد انطلاقته الأساسية نحو حقوق الإنسان.

الأكثر أهمية، أن موين لا يعتبر حقوق الإنسان متواطئة في التجاوزات التي يرتكبها مجتمع الأثرياء في الوقت الحالي، لكنه يجادل بأن حقوق الإنسان ليست هي الأداة المناسبة لمعالجة اللامساواة المادية المتزايدة في عالم اليوم. ويرجع إخفاق حقوق الإنسان في الدفاع عن المساواة المادية، في وجهة نظر المؤلف، بشكل جزئي إلى صعوبة الإنفاذ القضائي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية. عادةً، يستطيع القضاة الوطنيون فقط فرض مبدأ التجميد على الحكومة، وهو ما يخلق بالكاد «حدًا أدنى ضمن الحد الأدنى». علاوةً على ذلك، «نادرًا ما يخدم القضاء الأشخاص الأسوأ حظًا؛ نظرًا لأن الوصول إليه يتطلب بشكل عام محو الأمية والتنظيم».[5] وأخيرًا، فإن توافر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يسمح بالعيش فقط داخل الحدود الوطنية في أفضل الأحوال؛ فلا توجد لدى الدول الفقيرة القدرة على فرض آلية توزيعية على الدول الأكثر ثراء.

ولحسن الحظ، فإن تجاهل حقوق الإنسان للمساواة التوزيعية، لا يجعل من الممكن الاستغناء عنها في وجهة نظر المؤلف. وبشكل صائب، يُذكّر موين القارئ أنه على الرغم من إخفاق حقوق الإنسان في الدفاع عن المساواة المادية، إلا أنها لعبت دورًا حيويًا في ضمان المساواة أمام القانون، ومكافحة مظالم مثل العنصرية والتمييز. ومن ثم، فإن نقد موين لحقوق الإنسان يُعد أكثر اعتدالًا من النقد الماركسي، حيث يعتبر الأخير أن لغة حقوق الإنسان تخدم فقط النخبة الرأسمالية. وبغض النظر عن ذلك، يعتقد موين أننا بحاجة إلى بديل أخلاقي ذو مغزى يمكنه –على العكس من حقوق الإنسان– الارتقاء للتحدي الذي تُمثله النيوليبرالية. مع ذلك، فإنه يظل غامضًا بشأن تقديم أي نبذة ممكنة لمثل هذا البديل، لكنه في الفصل الختامي للكتاب، يلمح فقط إلى كيفية إنشاء وظهور ذلك البديل.

في خلاصة كتابه، يستدعي موين قصة الملك كرويسوس، الملك القديم لليديا، الذي اعتبر نفسه أسعد رجل في العالم على قيد الحياة؛ بسبب امتلاكه أموالًا طائلة لا حصر لها. رغمًا عن عجرفة الملك، فإن قوة خارجية هي من أنهت مراكمته الهائلة للثروة. لقد كانت الجيوش الفارسية هي التي تمكنت من الإطاحة بكرويسوس، واستطاعت إخضاع أراضيه وإضرام النيران فيه. وبينما نُشر الكتاب في 2018، فإن أي شخص يقرأ كتاب (ليست كافية) في 2020، ربما يتساءل عما إذا كانت الجائحة العالمية بمثابة تلك القوة الخارجية. بالفعل، في زمن كوفيد-19، باتت قاعدة «إعادة البناء بشكل أفضل» هي الأكثر ترديدًا. بغض النظر، ربما تكون حجة موين أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، إذ يشير تقرير صدر مؤخرًا عن منظمة أوكسفام إلى أن الجائحة قد أدت إلى توسيع فجوة اللامساواة.[6]

إذا كان نداء المؤلف من أجل المساواة المادية ينطبق على يومنا هذا، فإن 2020 أظهرت أن موين ربما يوجه سهام نقده إلى الهدف الخطأ. إن مقتل جورج فلويد على أيدي الشرطة الأمريكية، واعتقال الصين الجماعي للإيجور، واستهداف بولندا لمجتمع الميم، والتفكير المعلن في بريطانيا بشأن تفكيك حماية حقوق الإنسان؛ كلها أمور تُظهر أن المساواة أمام القانون ربما تكون أقل شيوعًا مما يفترض موين. علاوةً على ذلك، فإن نقد النشطاء يتزايد للشركات والمصارف لتواطؤها في انتهاكات حقوق الإنسان، وتأثيرها الوخيم على المناخ وعلى حياة السكان الأصليين. مع ذلك، يظل للكتاب مزاياه، ويوصى بقراءته للعاملين في مجال حقوق الإنسان، وطلاب القانون والمختصين بعلم الأخلاق، لأن الكتاب يحث على التفكير النقدي في عمل حقوق الإنسان، وسياسات التنمية والعدالة الاجتماعية.



سنة النشر : 2013م / 1434هـ .
عداد القراءة: عدد قراءة Not Enough: Human Rights in an Unequal World

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:


شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

المؤلف:
صامويل كوين - Samuel Quinn

كتب صامويل كوين ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ Not Enough: Human Rights in an Unequal World ❝ الناشرين : ❞ جامعة هارفارد ❝ ❱. المزيد..

كتب صامويل كوين
الناشر:
جامعة هارفارد
كتب جامعة هارفارد ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ Not Enough: Human Rights in an Unequal World ❝ ❞ Faith rejecters: The emotional history of skepticism ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ صامويل كوين ❝ ❞ أليك رايري ❝ ❱.المزيد.. كتب جامعة هارفارد